1280497

"كولين جونز" © Colin Jones / topfoto.co.uk

تحية تقدير لـ"كولين جونز"

إلى جانب "رودولف نورييف" العملاق الذي ألهم بتفرّده المُبهر وأسلوبه الذي لا يضاهى، استمدّ "كيم جونز" الوحي أيضاً من ذكريات شخصيّة وحميمة لتسليط الضوء على حياة عمّه ومسيرته المهنيّة، وهو الراقص والمُصوّر "كولين جونز". بقلم "بوريس بيرغمان".

يصف "كيم جونز" عمّه "كولين" بعبارات مناسبة تماماً وتليق به: "مُتمرّد"، و"مستكشف"، و"عصاميّ". فلطالما كان "كولين جونز" يُعيد ابتكار نفسه باستمرار. ودائماً ما كان يحلم بأساليب جديدة للتفاعل، والابتكار، واستكشاف مسارات غير تقليديّة. بدأ كلّ شيء عام 1953، حين تمّ قبوله في المدرسة الملكية للباليه. صحيح أنّ "كولين جونز" لم يكن طالباً متفوّقاً، ولكن قدراته الرياضيّة المذهلة أوصلته إلى إظهار موهبته على المسرح. وهكذا، اكتشف الجوانب المختلفة لحياة الراقص، وقام بجولات دوليّة، وحصل على العديد من الأدوار، مستوفياً للمعايير الصارمة التي رافقتها. ولم يمضِ وقت طويل قبل أن نمت لديه الرغبة في توثيق حياته، وسرد تفاصيلها، ومشاركتها مع الآخرين - وبالأخص مع عائلته. بالتالي، أصبح التصوير وسيلة للحفاظ على آثار تجربته الفنية. وكالعادة، كان يعمل منفردًا، بلا أيّ تعليم أو توجيه من أحد، مستنداً إلى غرائزه دون سواها.

لم تكن حدود هذا الكون كافيةً بالنسبة إليه. وقد حظى "كولين جونز" بفرصة استكشاف والتعمّق في عالمٍ كان في خضم إعادة الإعمار والتحوّل في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وكشاهد على الصراعات الاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت، قرر أن يُجسّدها من خلال عدسته.

D: Culture - Portrait - Colin Jones
 / 
00:00
D: Culture - Portrait - Colin Jones
 / 
00:00

Credit Image © Colin Jones / TopFoto + Crédit Musique © Max Richter  /  @maxrichtermusic + @studiorichtermahr

عندما تواصلت معه صحيفة "ذي أُبزيرفر" The Observer، التي أُعجِب مُحرّروها بصوره التي كانت تنضح بحسّ الحريّة، اختار التخلّي عن الرقص وتكريس نفسه للتصوير والصحافة. ومع أنّه لم يكن يملك أيّ معرفة تقنيّة، إلى أنّه عوّض عن محدوديّاته في هذا المجال من خلال الانفتاح والتفاني في خدمة الآخرين ــ وهي قناعة أخلاقية بقدر ما هي جماليّة بقي مُتمسّكاً بها طوال حياته.

على الرغم من كلّ شيء، لم يترك "كولين جونز" الرقص وراءه يوماً. فقد كانت زوجته الأولى، راقصة الباليه الأساسيّة "لين سيمور"، شخصيّة رئيسيّة في فرقة الباليه الملكي. ومن خلالها، تعرّف على "رودولف نورييف"، الذي كان حينها في ذروة شهرته. وعام 1966، طلبت مجلة "تايم لايف" Time Life من "كولين جونز" أن يرافق هذه الشخصيّة الأيقونة لمدّة يوم كامل، ليكشف لقرّائه عن الأسرار الكامنة وراء حياته اليومية. وبسرعة، نمت صداقة بين "رودولف نورييف" و"كولين جونز". كانا يتمتّعان بحسّ الفطنة والمشاغبة نفسه. وقبل كل شيء، تعلّما الرقص والعيش وفقًا لحدسهما وبحريّة تامّة غير مقيّدة، مع الانغماس في اللحظة بالكامل. وهكذا، مهّد التقرير أمام بداية صداقة طويلة.

من خلال هذه الإشادة الرائعة بـ"رودولف نورييف"، احتفل "كيم جونز" أيضًا بعمّه الراحل، الذي توفي عام 2021، وبالرؤية غير النمطيّة والجريئة البحتة، والإبداع المُتعدّد الأوجه الذي لم يتوقف أبدًا عن توجيهه. هي بالفعل تحية مُؤثّرة للغاية.

1280497